السبت، 26 يوليو 2008

الزاوية البعيدة (6)


في ذلك اليوم (*) كان ارتطام الباب قويا لدرجة أجفلت روحي، ليس لحدة الصوت فحسب ولكن لتلاشي مساحة الضوء التي انتشرت في قلبي دفعة واحدة، الظلال الشاحبة ملأت المكان، وأخافت روحي التي رغبت في الانطلاق، يقول صديقي الحكيم (*) الظلال أصدق من النور لأنها تعكس عتمة الداخل، لست أدري لماذا لم احب مشاكسته في تصريحه كعادتي كلما رفع رأسه بابتسامة وقال لي جملة من جملة التي اعتدت عليها ليس في معانيها ولكن في بنائها النفسي العميق، مما جعله يظن أنني لم افهم أو لم أقتنع أو.... عديدة هي تلك الاسباب التي يستطيع الإنسان ابتكارها ليؤكد لنفسه أن ما قاله صحيحا وأن الاخرون قاصرون عن الفهم، كنت انزعج من تلك التبريرات الجاهزة لكني الآن لا افكر فيها حتى، بل لا اقيم لها وزنا ولا تعنيني،
يحلو لظلي مثلا أن يعطيني قامة ذابلة حين أكون سعيدة أو يعكسني منتصبة القامة رغم ما في جسدي من ألم، الظل يحاورني وكلانا يعلم حقيقة الآخر وهذا لا يضير، لكن ان يشير إليّ الظل ليقول لي مثلا أنني هو أو أنه أنا فهذا ما لايجوز، لا يجوز أن نفرض على الاخر ما نحن عليه حتى لو كان الاخر هو ظلنا نحن. المرأة التي أعرفها حق المعرفة والتي لم تكبر ابدا منذ التقيت بها نزلت هذا المساء لتحاورني، لتعبث قليلا وهي تضع ساقيها في ماء الجدول الذي اخفيناه في الغابة حتى لا يعثر عليه أحد، قالت لي أن هذا الجدول ملكية خاصة للمرأة الاولى التي تضع ساقيها فيه، ابتسمت لأنها لم تنتبه انني أول من وضع ساقه فيه وليس هي، لكنها علمت ما فكرت به فاخذت تضحك حتى أنني كنت اراقب صدرها يعلو ويهبط كما لو كانت تستعد للتحليق!
قالت انني فتاة ساذجة ولا استطيع أن ادرك الفرق بين وجهي ومرآتي، لكنها لم تنتبه أنني كنت أراقب الصوت وهي تتحدث لا الكلمات التي كانت تقولها، هل يضيرنا أن نعي أنفسنا كنواة قابلة للانقسام كلما تقدمت في الدروب اخذت روحها في التشعب ؟ لم يعد الزمان يشكل عقبة أمام الطريق حين اتصل الماضي بالحاضر وما بينهما الحياة،
صوت ارتطام الباب الذي ادركته والذي لازلت اشعر به يتردد في غور روحي كان اصدق من كل الكتابة كما تلك الرسالة التي لازلت اقرأها وارددها لانها قالت باستنكار كل ما سيحدث لاحقا... بل كل ماحدث...
المرأة التي تضع ساقيها في الجدول تملكه ... ترى ماذا املك انا التي وضعت ساقي في الحريق؟؟؟ واخذت أعدو بكل قواي فقط لأقول لظلي لا تعكسني كما تريد.....

ليست هناك تعليقات: