الاثنين، 8 يونيو 2009

الزاوية البعيدة (13)



هذا الأثر الذي يتركه صوتك في فضاء روحي غريب وموجع... أقول هذا وأنا استعيد صوتك العابر فيّ منذ آلاف السنين، كأن روحي ولدت به وانفصلت عنه ثم عادت لتلتئم به ...وما بين الانفصال والالتئام هناك نهر شاسع من الغربة التي خلفها الزمان في فؤادي...

كثيرا ما كانت أنهار من الحنين تمور في جسدي وتضرب به جذور الجفاف كلما نبت صوتك في جنبات المكان، فأخذت أداري ارتباكي ببضع كلمات لا معنى لها، وربما حاولت منع القصيدة من فضح انهمار الماء فأسأل إذا ما كانت انتهت !

هل نبحث عن الآثار كلما أخذنا الحنين إلى جدار لا نستطيع فتحه بسهولة بعد كل تلك السنوات ؟؟ كيف اضعت مفاتيح الجدران واخفيت عنك الرغبة العارمة في العناق ؟؟ الأبواب لم تعد تفضي إلا إلى وجه لا أعرفه ... هو وجهي ربما وربما انعكاس ما آلت إليه خدوش أدرجها الزمان في هشاشة المادة المكونة لروحي..

تلك اللحظة التي اخبرك عنها الآن ...لحظة صافية كشعرك حين غلفته رائحة الزنجبيل وأنجبته مادة الخلق الأولى ..كشعري الذي لم أكتبه بعد ولكنه يترقرق في غور بئر عميقة تنتظر ....

الجدران التي اضعت مفاتيحها أخذت روحي...هل احدثك عن الجدران ؟؟؟ ما بعد الموت الأول للمستحيل، صعدت روحي مجيبة لنداء النافخ في الصور ولم يكن ملاكا بل كان وجها يشبه وجهك ... أخذت تتأمل رحم ولادتها، عروق نبضها ولغتها البكر.... لم تكن أصابعي تحمل في ذاكرتها قدرة الخلق ولا هامش الحبر الذي ينبثق كالنبوءة .... لم يكن في سمعك صوتي ولم تكن في ذاكرتي ملامحك ... كنا كصمت البحر في لغة الازرق الهادئ.... هل خدعك يوما لون الماء ؟؟؟ صلابته ؟؟ راقبت كائنا خفيا يكتب في وجهه من الداخل ؟؟؟ حفيف الموج المستسلم لقدره الازلي في الذهاب والاياب بلا جدوى ؟؟؟

حين تولد الروح في حياة جديدة تستعيد حيواتها السابقة كلها دفعة واحدة لتكون قادرة على ما سوف يجيئ...لكن روحي بتهور أرعن راهنت على كل ذلك لتمشي على الماء زمنا يشبه عمر القصيدة ...فتأرجحت في سنة واحدة على آلاف الحبال الممتدة وحاولت ان تجئ من غور الجب... هكذا كما النبي لكن دون حلم ..!

هناك تعليق واحد:

mdasufian يقول...

Excellent writings.