السبت، 27 يونيو 2009

الزاوية البعيدة (14)


كنت متعبة حد الرغبة بالتلاشي وكانت فكرة ما تطل من رأسي وتفر كانها طفلة مشاكسة، الفكرة ابتعدت ففقدت اهتمامي بها، ورحت أدور في ذلك الفلك المتأرجح ما بين البقاء هنا والذهاب هناك... هناك تعني الغياب والسكينة ... هل يفقد الحزن سلطته علينا حين ننام أو ...نغيب !

جربت أن أهرب مني تماما كما كانت تفعل الفكرة تلك التي اتحدث عنها دون أن اسميها لأن لا اسم لها ولا هوية، هكذا كنت أطل على نفسي أحيانا وأغيب أحيانا، كنت أراقب كطفلة مشاكسة ، نعم تماما كفكرتي ... لكني وفي لحظة غير حذرة لم انتبه أنني أخطو على حواف جرف .. لم انتبه عندما سمعت صرختي عالية ملتاعة وبها كثير من الخذلان...

الهاوية مليئة بالمرايا وروحي التي تغور عميقا نحو القاع كانت تحاول القراءة... هل هي رغبة أخيرة بالتمسك بطوق نجاة ؟؟ لست أدري المرايا لم تكن تعكس الوضوح الذي كانت تعكسه أحلامك * التي حدثتني عنها... أحلامك ... كانت الكلمة تشبه نجمة سطعت أو هي انعكاس يخطف الابصار لشعاع توجه إلى العين مباشرة... هكذا سطعت الكلمة وتعددت في كل المرايا دفعة واحدة حتى أصبحت الهاوية نوعا من الاشراق، لم استغرب أن تجتمع الكلمتين المتنافرتين هنا في سطر واحد (الهاوية) و(الاشراق) لكني استغربت كيف أن الاشياء تسطع فجأة حتى ونحن في طريقنا إلى الغياب...

هكذا سطعت الكلمة/ الفكرة واخذت تدور في فلك الروح التي تهوي سبعين خريفا في الضياع تاركه كل ما خلفها قافزة على كل ما حاوله التعب من محو ما قد تبذره الذكريات في روح جفت.... كان عليّ أن أبعثر كل ما تجمع فجأة فيما حولي واخذ يضيق عليّ حتى كدت أشعر بأنني في رحم لا يتسع إلا بالقدر الكافي ليعيد تكوين أطرافي وجنوني المكبل... رحم كنت اخشى ان اتحسسه فأجد صورة عالقة كالنطفة في كف قدري ....الخوف يجعلنا نستغني طواعية عن كثير من اطرافنا وقدراتنا ... استغنيت وانا ادور بسائل الرحم عن كثير من الاطراف استغنيت عن يدي حتى لا أمدها إلى الدفء فتعود فارغة ... استغنيت عن قدمي التي لا تعرف أي الاتجاهات تسلكها بحثا عن عناق ... استغنيت عن جسدي كله حتى لا يرتكب خطيئة الانتماء وحينما فرغت سلتي نظرت دون عينين فانا كما تذكرت فجأة قد استغنيت عنهما مع الجسد بكامله .... كان الفراغ المائي رائعا وكان الغياب ممتلئا بي ... لا يد ولا قدم ولا جسد ولا ... عين...

لكن الفكرة اللعينة ثانية تسطع حتى في الغياب فتقف أمامي كانعاكس لصورتي التي كانت... فأمد يدي لا هشها لكن لا يد تطالها أحاول الهرب لكن لا قدم تسعف الرغبة ولا عين ...

ثانية تدور الاشياء وتقف ممهورة بالغياب........ هل تستطيع الفكرة ان تكون أكثر وجودا منا ؟؟؟

سأعود إلى بداية التعب... لن أخبرك عن الكلمة الهاوية وعليك أن تدركها وحدك ... لكنك لن تستطيع أن تهوي كما هويت لانك لم تكن في رحم يتيح لك الاستغناء عن كل اطرافك فقط لتقف عاريا منك ...

لتقف بلا جسد يستطيع أن يرتكب الانتماء ولا يهوي سبعين خريفا نحو الضياع .....

ليست هناك تعليقات: