الخميس، 3 نوفمبر 2016

 ليس مهما ان تمتلئ بالكلمات النابتة كجذوع الاشجار على جنبات سور قديم، وليس مهما ان تنهار الكلمات من شفتيك كما لو كانت صخورا هشمها تعاقب السنوات، فكل هذا سيكتب حكايتك، يرويها للفراغ العابر ما بين خريفين، او ربما ستوشوش بها الريح لنافذة تركت شبه مغلقة في بيت خرب، لا تكتب ما لا تستطيع الجهر به علانية، لا تكتب عن الحب ان لم تكن قد زرعت في دمك مئة رصاصة قاتلة وسقيت وردة واحدة من دموعك حتى نبتت ربيعا كاملا قبل ان تموت، لا تكتب عن الموت ان لم تجرب النوم في قبر مفتوح دهرا ثم تودّع الموتى وتأوي الى فراشك على جانبك الايمن وترفع حجرا على راسك لتغلق النافذة الاخيرة على الحياة قبل ان تنام.... لا تكتب عن شيء لا تجيد ان تجهر به لاغلال الخوف المتراكمة كما لو كانت افاع نائمة في ليلة شتائية .... لكن اكتب عن غزالة برية هربت من صياد لم يكن يريد أن يعلن الموت بقدر ما كان يود ان يأخذ لاطفاله الجوعى قليلا من الامل... اكتب عنها حين تعود إلى رضيعها الصغير لتطعمه خوفها من الصياد... الحياة يا صديقي لا تشبه ما نحياه ولكنها تشبه تلك الرواية التي لم اكتبها لكنها كل يوم تتسلل الى روحي في اوراق كتبها الاخرون.... هل حاولت مرة النظر الى عيني حيوان جارح يتألم ؟؟؟  هل فكرت يوما بموجة غاضبة تأتي بسرعة كبيرة لتضرب رمل الشاطئ ثم تعود ادراجها خائبة ؟؟ ما الذي آلم الحيوان هل هو الجرح الغائر؟ الدم النافر ؟ ام حيرته من روحه التي تتسلل مبتعدة لتتركه طعاما لصغار الاخرين ؟؟؟ ما الذي اغضب الموجة ؟؟ ولماذا تصفع الشاطئ ؟ ما ذنب الرمل سوى انه اصبح جزءا من ذلك المشهد الطبيعي الذي نمر عليه كل يوم باقدامنا العارية قبل ان نحاول ان نبتسم لهذا الفضاء الفسيح من الماء الذي سرق لون السماء فوهبته اياه بكل كرم وغادرت.... عندما استيقظت يوما على قارب ليس به احد للوهلة الاولى لم ادرك ايهما السماء التي فوقي ام التي تحت القارب...الازرق ذاته ماذا لو انه غير مكانه الحقيقي...حسنا لم يكن ذلك حلم نوم بل كان حلم يقظه اخادع به الجهات لاعرف ماذا تخبئ من اسرار.... عندما فتحت الجدار للمرة الاولى وغادرت الى حقل فسيح اكتشفت قدرتي على الكتابة ولكن اي نوع من الكتابة تلك ؟؟؟ لست ادري ... أتدري انت ؟؟  جدتي التي لم اعرفها عاشت في كتاباتي كما لو كانت الجدة التي ترآءت لي في كل الحكايات... هل هي امي التي اصبحت بعيدة الان .... هل كانت امي هي جدتي وكنت انا ابنتها اي انا امي؟؟؟ لماذا كلما مررت على حواف كلمة الوطن نبت في قلبي حقل وعين ماء... وصباح بارد وخطوات تمشي نحو اشجار الزيتون ؟؟؟ لماذا كلما فكرت أن انتمي الى شيء خذلتني قدماي.... اتدري ما هو الخوف ؟؟ هو يشبه الكتابة .... في الكتابة خوف كامن كما لو كان رصاصة لا ندري من اي الجهات تأتي خوف يشبه المشي  في العتمة لكنه ليس الليل الذي اعشق المشي به ....عتمة ليس بها اضواء او اشجار ولا قمر.... مكان بارد ومهجور... هل فكرت يوما ان تتلمس طريقك في اللحظات التي عشتها ؟؟ كأن تحاول تذكر كل ما مر بك من لحظات حتى تلك اللحظة التي قال الله لك فيها "كن فكنت".... تلك اللحظة التي لا تشبه شيء سوى معجزة صغيرة لا ندركها كما الروح...هل اتاك الامر قبلي ؟؟ لكني "كنت قبلك؟؟ ماذا تشبه الكتابة سوى المعنى الذي لا ندركه ذلك الذي ينبثق في مخيلات الكتاب والشعراء وربما السحرة والمشعوذين... او اولئك الذين يدعون ان الحياة هي الحب وحده... هل فكرت في ذلك "الحب" لماذا يقف هذين الحرفين على اعتاب الكثير من الالم "حب" هل فكرت مثلا أن كل العلاقات الانسانية تكمن مابين هذين الحرفين ... حتى تلك الجرائم التي تزعج الانسانية وتعيد تكوين الاشياء...حسنا ليس هذا ما اود الكتابة عنه ...اردت الكتابة فقط عما يجب علينا ان لا نكتبه... عن الصمت ... لم يعد هناك من يود الصمت... الكتابة تسيل من الاصابع ... من جميع الوجوه حتى من تلك الشفاه التي لم تتعلم ان تقول كلمة واحدة ذات قيمة... الكتابة لم تعد تليق بي يا صديقي....وما يليق بنا هو ذلك الافق الذي نراه فنغرق فيه فنستعيد نقاء ارواحنا... لهذا ليس مهما ان نكتب بل علينا ان نحيا الازرق الذي تتركه السماء على وجه الماء وتحاول الصمت قليلا كأنها جسد ضخم يحاول ممارسة اليوجا خفية عن الماء وينسى انه يموت قليلا قليلا ليتحول الى ليل ويترك البحر قعرا اسودا لا قرار له لكنه مليء بالحياة التي لا ندركها.....

ليست هناك تعليقات: