الثلاثاء، 7 فبراير 2017



الحافة التي وقفت عندها هذا المساء لم تكن تحمل نهايات أو قمم عالية أو حتى هاوية سحيقة، كانت حافة من نسيم عليل، تشبه الوقوف في حقل غردت كل طيوره وانتشت اشجاره فجأة، أغمضت عيني ورفعت ذراعي في الهواء، حلقت الارض بي، أما تحملني بين ذراعيها، السماء فكرة طائشة، الاشجار احلام عزيزة في مخيلتي التي بدأت تستعيد طفولتها، يا الله ... 

تكلمت كل مفردات الطبيعة تبادلنا الغناء والضحك، غابت الجاذبية، وحضر قلبي مزهوا باسراب الطيور،  جداول الماء،  ودقات تشبه الفرح، نهر من اقصى القلب ينمو كلما تقدم نحو زوايا الجسد البعيدة،  وقلب يكبر كشجرة نمت دفعة واحدة لتحمل في ذاكرتها آلاف الفصول،  لم اعد ارى قلبي، كان غابة تتكاثر بجنون، الحلم نبته برية، الكلمات نبض يتهجاني ابجدية للارض أو لغة سرية للسماء، لم اعد ارى نفسي، كنت اتبعثر الى ذرات من لغات مختلفة، لكل لغة ابجدية ولكل ابجدية آفاق من المعاني. 

لم تعد الحافة موجودة، كنت انا حدود كل شيء ونقيضه، لم تكن ملامحي تحمل ظلا ولا شكلا ثابتا، كان اسمي وحده يسير في الطرقات التي غابت في الذاكرة ، اسمي الشقي العنيد، يتسول ثباتا وحداً يستطيع أن يقف عنده ويناديني بأعلى صوته، يبحث في ثنايا حروفه عن شجرة، طائر، جسر، حلم بالعودة، أو أم تدعو الله أن يحمي ابنتها من غياب الاسم وضياع وجوده المادي ...يبحث اسمي عن أي حافة تعيده إليّ أو تعيدني إليه، لكنه لا يصل...

الحافة لا تزال تحتل مكانا في الوجود ليس له اسم او شكل كثقب اسود، نجمة مطفأة، أو انعكاس في عيني مرآتي، الحافة سرقتني هذا المساء وتركتني في مكان لا يصل اليه الحزن، ولا يقتفيه ألم ولا تتهجاه خيبة، الحافة تقرأني الان كبلورة ساحر، أو فكرة اخيرة في مخيلة طائر لتعيدني طفلة تحلم، بحافة لا تحمل نهايات او قمم عالية او هاوية سحيقة لكنها تخبئ لي دفء لا تسرقة الفصول القاسية


ليست هناك تعليقات: