الاثنين، 2 سبتمبر 2019

كيف قفزت صورتك الى روعي بهذه الطريقة المباغته، وكأنك تأبى أن تتركني وحدي كلما أطبقت على روحي هذه الجهات الاربع، كلما صرخت ملئ وحدتي أتيت لتبعد الجدران وتترك للهواء أن يعبر رئتي بحرية كالموج ... كيف أصبحت ملامحك التي لا أعرفها بشكل واقعي تشكل ابتسامة قلب اثقله الحزن... كيف تسلل صوتك الى وحدتي ليخلق عالماً من المرح الطازج...
هذا المساء كنت أجري كطفلة فرحة ... تركت خلفها ثقل السنوات وخيبتها...كنت تبتسم وكأنك لا تصدق وقع ابتسامتك كيف يضيء عالمي بشكل مبالغ فيه، وكنت أعبث بالمسافة ما بين عالمين.... أحاول أن أعيد ترتيب أفكاري بشكل لا يحدث خللا في الدرب الذي بدأ يقصر كلما أقتربت من الجدار الفاصل ما بين عالمينا.... 
كيف استطعت بثانية واحدة أن تعيد العمر للوراء ... أن تطلقه من جديد بعيدا عن الدروب الثابته، والوصول المتأخر... وتبعد من أمامه الوجوه التي لا تستحق... لم تكن الاسئلة التي تتكاثر بشكل مجنون حولي تبحث عن اجابات، بل كانت تحاول أن تتسق مع كل الكلمات التي تتدفق في روحي وأهمس بها - دون أن اشعر- بفضاء لا يعرف سوانا....
كنت أحاول اكتشاف الدرب الذي سيجمعنا، تركت خلفي الاف النوافذ المشرعة وكنت أبحث عن باب واحد يهبني لحظة وصول، كنت أعد المسافات التي لا يدركها سوانا....انا وانت في عالمين لم يجتمعا سوى لحظات في عمر هذا الاختبار الطويل.... 
يقول جدي الذي لم اره ...أن البعث لايعيد الاشياء بل يهبها عمرها الحقيقي... هل بعثت لالقاك ؟؟ وماذا عنك انت ؟؟ كيف غادرت على عجل وكأنك تتحدى العمر الممنوح لك وتنتصر عليه ؟؟
بالامس فقط راقبتك تنظر الي كما لو كنت ترى من خلالي عمرك الذي لم يكتمل فانفتحت امامي كل ابواب المعرفة..... لم تكن المسافة تعني شيئا في عمر هذه النظرة... ولم يكن الجسد الا خيمة بالية ....نفر منها الى الذكريات، ولكنك لم تنتظر طويلا لترى كيف ستصير الذكريات عالما من حنين، ولم تنتظر لتراني لنختبر لعبة الاحتمال في الزمن المسرع نحو المغيب....
المعرفة باب لاندرك اننا اجتزناه الا حين ينغلق تاركا إيانا في عزلة لا نهاية لها.... لم يكن الانطفاء وحده حيرتي التي اخذتني بعيدا ولم تكن المسافة ايضا ....بل كانت عيناك وظلي... كلاهما قاتل وكلاهما بعيد .... 
حين نلتقي يتوقف الزمن، وحين نغيب كل في ضياعه نقترب اكثر ....قلت لي من المستحيل أن تفكي شفرة الحرف الخفي، وقلت لك سأفعل.... لم تصدقني ولم اكف عن المحاولة...
وها نحن بعد كل تلك السنوات، لازلنا في ذات المكان، نحاول ما لا ندري....وعندما اصغيت جيدا كان كل شيء يتقرب من الافول، وكانت الدهشة وحدها تشي بأنني لم ادرك من البداية إلا نهايتها....
فهل تصدق أن كل هذا الضجيج الذي سيقتل روحي لم يكن سوى حنين الى عناق وحيد وعابر ...وان انشطار عالمينا لم يكن الا محاولة لقراءة ما خلفته السطور وما كان يحفره القلق والحب عميقا في باطن الروح ؟؟


هناك تعليقان (2):

Unknown يقول...

كقراءة اولية اجد ما كتبته انت جميلا يتناسق مع حيثيات منبثقة من فضاء الروح المشبعة بالحنين وان هناك فاصﻻ من البعد الزمني والمسافة الاخذة في الاتساع.
حقيقة انت تكتبين بشغف وتمتلكي مفردات عديدة ومناسبة. ابقي بخير .

عائدة النوباني يقول...

هل من الضروري ان نعرف الاسم لنمتن لصاحبه ؟؟ احيانا تصادفنا نسمة عابرة فنمتن للمكان والزمان... للريح او للحياة لهذه البهجة الخافتة التي تتركها الكلمات...ممتنة للبهجة التي تركتها الكلمات ... كلماتك:) تحياتي