السبت، 18 يناير 2020

(لقاء ... بصديقي الذي غاب)



المساء هادئ جدا... الشارع الذي امشيه إلى بيتي أشعر به يحتفي بي ويسر إليّ بما مر به  من احداث اليوم...فكرت وأنا انظر إلى خطواتي أني اسير بهذا الشارع منذ اكثر من عشر سنوات وان الشارع الفرعي يحمل ذكريات كثيرة وأنني أيضا لم اصادفك يوما فيه ...كأنك تحترم حواري مع الشارع….- واصغي لما تقولان ....فاجأني صوته فابتسمت …
- تقرأ افكاري ؟؟؟؟
- توجهت بافكارك نحوي فأتيت
راقبت خطواتي على الشارع الرملي، كيف تحضر الذكريات من  نسمة عابرة أو رائحة أو ...خطوة مشيناها...نظرت اليه
- اليوم تمنيت لو استطيع أن امشي على حبل يربط بين سمائين.....
ضحك قائلا - لكنك تخافين المرتفعات !
- لا اخاف من خيالي
- لنرى ما الذي سيحققه المشي بين سمائين...؟؟
سبقني الى المصعد ضغط  عليه وانتظر ، نظرت حولي لم يلحظ الحارس شيئا، انتبه لشرودي فقال ضاحكا لا تخافي من خيالك ؟
لم اجب دخلت الى المصعد ، لمحت انعكاس صورتي في المرآة،  نظرت حولي كأنه ابتعد قليلا ثم عاد ثانية في اللحظة ذاتها التي فتح باب المصعد على الطابق الخامس...
كان ينتظرني في الممر، قلت له: لم ...
قال : احترمت ما  فكرت به ...
لم اتحدث، نعم في تلك اللحظة التي رأيت فيها صورتي بالمرآة  فكرت بأمي التي كنت اصعد معها   فابتسم لها واشعر بحاجة ماسة الى عناقها واخجل من طفولتي ...
فتحت الباب ، دخلت لم يكن هناك أحد... كنت وحدي وكل الذكريات ...الاصوات ... القصائد... الرسائل الحارقة ... وأنت الذي تطل من كل الزوايا...
كان صامتا... لدرجة اثارت الصقيع في المكان... نظرت اليه ابتسم : بيتك الجديد جميل جدا

قالها مبتسما نظرت حولي ... كنت فعلا في بيتي الجديد اتساءل اين الشارع الفرعي، المصعد ، الطابق الثالث والقصائد التي ربيتها بنبضي !! اين كل هذا ؟ هل البدايات الجديدة لها سطوة قاتلة ام تحتل المساحة المتبقية في حياتنا لترسم عليها نبضنا القادم ؟؟
 
رميت بحقيبتي على المقعد، خلعت نعالي وجلست انظر حولي، حتى اللحظة لم استوعب ان البيت الجديد اصبح بيتي... نظرت حولي لولا الفة العناوين في المكتبة وملامح الأثاث لظننت انني في مكان غريب...
: البدايات اجمل من النهايات لانها تفتح لك ابوابا
: وما ادراك ان البداية ستكون بداية حقا
ضحك ... (لاني اعرفك) أتت الكلمة همسا الى سمعي وكأنه اختار لها طريقة الوصول الي دون أن يكدر اللحظة التي افكر بها ...  كم انا محظوظة بك يا صديقي (الذي غاب) ... لم اقلها لكنه فهمها
خرجت الى البلكونة حيث الهواء الجميل في هذا الوقت من العام وحيث الليل يتحول الى لوحة تتحول نجومها الى فراشات طائرة تشكل كلمات كثيرة ... مثل ان تقول لي مساء الخير... او أحبك...او حتى تعالي...
كنت دائما احلم بأن امد يدي الى نجمة فنصعد معا الى أماكن لا يعرفها بشر... ننظر الى النوافذ البعيدة، الناس في الشوارع او ربما في رحلة صحراية، اشكال البيوت المتفاوتة التي تشبه ملامح البشر... ان نثرثر كثيرا قبل ان يأتي القمر ليضجر منا ويقول لجارته ان  تعيد هذه (العائدة) الى بيتها لتثرثر ما شاءات مع اطيافها وخيالاتها....
سمعت ضحكة خلفي... ضحكة رائقة... لكنها دافئة كصوت حبيب اتصل بحبيبته بعد ان ودعها بقليل ليقول لها بلهفة (اشتقت لك)
ضحكة تشبه يد نجمة اخذتني في جولة ليلية ....
 
كان وجوده اشبه ببداية جديدة ... اشبه ما يكون بمسافة زمانية كافية للاعتياد على هذا المكان....
كدت أقول له شكرا لولا انه ابتسم واضعا اصبعة على فمه طالبا مني ان اصمت .... كان العتمة تعم المكان هل اغلق النور ...ام انا التي لم افتحه... لكنها عتمة تشبه الدخول الى مكن بهيج... تشبه الحصول على مفاجأة سارة...
تشبه أن افكر بك فأجدك قربي تقول بالضبط الكلمة التي اشعر بها الان...(.....)












ليست هناك تعليقات: